منذ البداية ارتبط اسم الشيخ أحمد ياسين بباكورة العمل الطلابي الإسلامي في فلسطين، فقد كان بحد ذاته حركة طلابية قائمة ونشطة، يجمع الطلبة بعد انتهاء الدروس، ويبصرهم تربوياً وإيمانياً على طريق الدعوة، وإن كان هذا التبصير في ذلك الوقت غريباً على مجتمع لم يكن الدين ضمن أولوياته ولا فلسفته.
تدرج الشيخ في سلمه الدعوي حتى كان له دورٌ رائد في نشأة الجامعة الإسلامية في غزة، كما أحاط نفسه بثلةٍ متعلمة ذات بعدٍ قيادي في الجامعات الفلسطينية والعربية، أضحت فيما بعد نواة حركة المقاومة الإسلامية حماس، وأساسها المتين.
ومنذ البداية أدرك الشيخ ياسين أن معاقل المقاومة الفلسطينية محدودة ما بين المدرسة والجامعة والمسجد، فأولى لكلٍ منها اهتماماً خاصاً، ورفع من تركيزه على مخرجات الجامعات الفلسطينية باعتبارها مصنع الرجال والقادة، وقد جاءت رؤيته تلك من دراسته في جامعة الأزهر بمصر، واطلاعه على أدوار النقابات الطلابية في دعم نضال الشعب الفلسطيني وحشد الطاقات العربية لمواجهة الاحتلال.
وبشكلٍ أكثر تركيزاً شهدت بداية السبعينات نشاطاً متسارعاً للحركة الطلابية الإسلامية، التي كانت بذرةً لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وإن كانت هذه البذرة قد انطلقت من جامعات مصر، حيث كان نشطاء الحركة المتأثرين بفكر حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين، يعودون من مصر في الإجازة الصيفية لإلقاء المحاضرات في قطاع غزة وتكوين المجموعات الأولى الطلابية، فإنها أضحت في نهاية السبيعينات متركزةً في كلٍ من المجمع الإسلامي والجامعة الإسلامية في غزة.
وقد اعتمد الشيخ في دعمه للحركة الطلابية الفلسطينية على عدة اتجاهات، منها الخدمة الإجتماعية، وتشجيع الاعمال الخيرية التطوعية ومساعدة الفقراء والمحتاجين وطلبة العلم، وتم ربط هذه الخدمات بالدعوة واعتبارها ميداناً مناسباً لحشد الطاقات، فخرج الأطباء الدعاة والمهندسون الدعاة والأساتذة الدعاة، وبرزت لهم أدوار اجتماعية متقدمة في التواصل مع مختلف فئات المجتمع وتلبية حاجاتهم والاستماع ليهم.
أما الإتجاه الآخر فهو تعزيز الجوانب الترفيهية والنفسية لدى الطلبة، وقد استعان الشيخ بفكر الإخوان المسلمين الذي كثيراً ما اعتبر الرحلات الاستكشافية والترفيهية والتخييمية أساسية في تدريب الطلبة على تحمل الصعاب والمشاق، وتوطيد العلاقات بين المشاركين، واستكشاف العقليات القيادية، وترسيخ مفاهيم الصبر ومجاهدة النفس، وتأكيد قيم الحركة الإسلامية في نفوس المشاركين، ويذكر بعض الكتاب المتابعين لتاريخ الحركات الطلابية في فلسطين أن الشيخ أحمد ياسين كان يشارك بنفسه في كثيرٍ من هذه الرحلات والأنشطة.
بعد انتفاضة الحجارة كانت حركة حماس قد ظهرت إلى العلن بشكلٍ واضح وجلي، ورغم الاهتمام الدائم بالحركة الطلابية الإسلامية، واعتبارها النواة الاولى للحركة إلى أن تعدد ميادين الحركة وأنشطتها، جعلها ذراعاً بجانب العديد من أذرعة العمل الإسلامي المقاوم، يبقى أن نقول هنا أن الشهيد أحمد ياسين الذي تحل علينا اليوم ذكرى استشهاده كان لماحاً في إدراكه لعمق مكانة العمل الطلابي وأهميته، وأن ما زرعه أثمر لاحقاً ليكون العدد الأكبر من الاستشهاديين وقادة المقاومة من طلبة الجامعات وخريجيها، ولتكون عدد كبير من قيادات الحركة في الانتخابات التشريعية والبلدية والنقابية، ومن يتصدر المشهد اليوم من قيادات الحركة في مواقع كثيرة وفِي شتى المجالات.